سيدتي - خيرية هنداوي
كثيرًا ما تواجه الأم خلال سنوات الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة، بعض العادات السيئة لطفلها، والتي تزعجها وتزعج الآخرين، ولأ نها لا ترغب أن تلازم هذه العادات طفلها بقية مراحل حياته، فعليها أن تقوم بتعديلها قبل أن تكبر مع الطفل. ومن هذه العادات السيئة: العناد، المقاطعة في الحديث، العنف، عدم طلب الإذن، التخريب، قضم الأظافر، وعادات أخرى كثيرة سنتناول بعضها في هذا التقرير.
ومن الناحية النفسية والتربوية هناك بطبيعة الحال أسباب لهذه العادات وعلامات، منها: إضاعة الوقت في متابعة الشاشات، وقد تكون ناتجة عن رغبة الطفل في تجربة سلوك جديد، أو عدم قدرة الطفل على التعبير عن مشاعره، أو نتيجة لعدم الانضباط أو الهروب من قواعد الأسرة.
في هذا الشأن التقت"سيدتي وطفلك" بالدكتور محمود القطان أستاذ طب نفس الطفل وتعديل السلوك لشرح وتوضيح بعض العادات السيئة عند الأطفال ومظاهرها وطرق التعامل معها.
أبرز العادات السيئة للطفل
عناد الطفل من العادات السيئة
الكذب: قد يكذب الطفل ليتجنب المتاعب أو الهروب من المسؤولية.
العناد: قد يعاند الطفل لعدم رغبته في الامتثال للأوامر أو القواعد.
المقاطعة: قد يقاطع الطفل الآخرين في الحديث بسبب عدم قدرته على الانتظار أو لرغبته في التعبير عن رأيه.
العنف: قد يلجأ الطفل للعنف للتعبير عن غضبه أو إحباطه.
الإحراج: قد يحرج الطفل الآخرين نتيجة لقلة خبرته أو عدم قدرته على التكيف مع المواقف الاجتماعية.
التخريب: قد يقوم الطفل بتخريب الأشياء نتيجة لرغبته في جذب الانتباه، أو لعدم قدرته على التعبير عن المشاعر.
إضاعة الوقت في الألعاب الرقمية: قد يؤدي الإفراط في التعامل معها، إلى إدمان الطفل للتكنولوجيا وتدهور قدراته العقلية.
العادات العصبية: مثل قضم الأظافر، وقد تكون هذه العادات طريقة للطفل للتعامل مع التوتر أو التغييرات في الروتين.
أسباب وراء بعض العادات السيئة :
عادة التخريب
من باب تقليد الأطفال الآخرين ربما، أو وجود نقص في شخصية الطفل، يقوم الطفل بتخريب الأشياء ويتحول لطفل مخرب.
عدم شعور الطفل بالأمان، وإحساسه بالتوتر والقلق، وعدم إحساسه بالاستقرار، يكون سبباً في نشأة الطفل المخرب.
الرغبة الشخصية للطفل في إرضاء عواطفه، قد تكون سبباً في تنشئة عادة التخريب السيئة، بجانب تقلب مزاجه، وعدم معرفته بما يريد.
محاولة تجربة سلوك جديد، ومشاهدة رد فعل الأطفال الآخرين تجاهه: لو جذب شعرهم مثلاً، أو قام بإتلاف وكسر أغراضهم.
فقدان الطفل لقدرته على التعبير عن مشاعره مثل؛ الجوع أو العطش أو النعاس؛ فيقوم بتصرفات مؤذية، مثل سكب الطعام المخصص للكبار.
وقد يقوم بتصرفات تندرج تحت مسمى التخريب؛ لكي يدافع عن ممتلكاته وأغراضه، خاصة أمام الغرباء.
أو بسبب وجوده في بيت فوضوي لا يوجد فيه انضباط، أو نتيجة لوجود أم لا تهتم بالترتيب وقيمة الأشياء، والعيش على التبذير.
عادة الشغب المنزلي
تشكو الكثير من الأمهات ضيقهن من سلوك الطفل المشاغب، بينما تعتبره بعضهن سلوكاً صحياً وطبيعياً، رغم مظاهر الفوضى في البيت وعدم الشعور بالراحة.
يمكن التعامل مع هذا الطفل بتوفير جو الهدوء والراحة النفسية في البيت، وعدم اللجوء للعقاب البدني كلما أخطأ الطفل خطأ صغيراً.
الحرص على مكافأة الطفل في حال تخليه عن سلوك سيئ سابق، ومدحه وتقديره أمام الآخرين، مع تحلي الأم بالصبر وطول البال وضبط الأعصاب، لتصبح قدوة لأطفالها.
كيف أُعلم طفلي قواعد التسامح؟ هل تودين التعرف إليها؟
الطفل العدواني من المشاكل الشائعة في أي بيت، ووجوده يؤذي كل من حوله،؛ فهو يقوم بتصرفات مثل الضرب والعض، والخطوة الأولى في تعديل سلوك هذا الطفل هي:
وجود القدوة في حياته؛ بحيث يكون الأب والأم هما قدوته الأولى.
على الأم أن تقرب المسافة بين الأب والطفل و بينها وبين الطفلة.
الحضن والمحبة والتفاهم وممارسة الهوايات، يمكنها سحب الطفل نحو الهدوء وضبط الأعصاب.
احتضني الطفل وأشعريه بأهميته، وأسندي له بعض الأعمال المنزلية؛ لكي تُسحب منه طاقته السلبية، ويفرّغ طاقته.
قومي بقضاء وقت طويل مع طفلك، وقومي بنشاطات متعددة معه داخل البيت وخارجه.
ساعدي طفلك العدواني؛ لكي يملأ وقت فراغه؛ مثل أن يرسم أو يلوّن.
لا تفرطي بالعقاب أو مدح طفلك ؛ لكي لا يصبح معجباً بنفسه، فيستهين بالآخرين.
عادة الفوضوية
من العادات السيئة؛ ان يتحول الطفل في بعض الأحيان، إلى طفل فوضوي، ليس بمعنى الضجيج، ولكن الفوضى التي تتحول لبرنامج حياة؛ فالطفل غير منظم، ويلقي بالأشياء يميناً وشمالاً؛ مما يتعب الأم ويستنزف طاقتها.
ولعلاج الطفل الفوضوي في البيت:
على الأم أن تهتم بتنظيم أشياء الطفل، حتى لا يبذل جهداً في العثور عليها، خاصة في وقت الخروج إلى المدرسة.
على الأم أن تعلم طفلها النظام عن طريق اللعب؛ حيث تساعد الكثير من الألعاب التربوية في تعليم الطفل النظام.
يمكن أن تختاري اللعبة بمساعدة المرشدة التربوية أو بواسطة مواقع التصفح على الشبكة الإلكترونية.
حقائق وراء عادة الكذب
في بعض الأحيان لا يمكن أن نطلق على كل ما يخبرنا به الطفل أنه كذب، فهو يتخيل ويعتقد أنه يقول الصدق، ولا يمكن أن تعاقبي الطفل على خياله مثلاً، فهذا مظهر سلوكي يحدث في مرحلة الطفولة المبكرة.
في سن ما تحت الثامنة يكون الطفل خيالياً بمعنى أنه سوف يخبرك عن الغوريلا التي تسلقت سور المنزل، فاستمعي له جيداً ثم أخبريه بأنها خيالات وليست أكاذيب.
يجب أن تعاقبي طفلك في حال الكذب عقاباً فورياً دون تأجيل، والعقاب لا يكون بدنياً، في حال كذبه اطلبي منه تنظيف الحديقة، نسخ سورة من القرآن الكريم، نسخ جدول الضرب وهكذا.
مص الإبهام والأصابع واللهايات
عادة ما يبدأ مص الإبهام والأصابع في الأشهر القليلة الأولى من العمر، ويتخلص الكثير من الأطفال من هذه العادة السيئة، قبل بلوغهم عامهم الأول، لكن قد يتوقف معظمهم عن هذه العادة عند بلوغ سن الخامسة بسبب ضغط من حولهم.
المص له تأثير مهدئ، وغالباً ما يساعد الأطفال على النوم، ومع ذلك، قد يصبح الأمر مقلقاً عندما تبدأ الأسنان الدائمة في الظهور (حوالي 5 سنوات) ؛ فالمص يغير شكل أسنان الطفل .
صرير الأسنان
هي عادة تظهر في أكثر من نصف الأطفال ذوي النمو الطبيعي، و تبدأ عادة في سن 6 أشهر عندما تظهر الأسنان اللبنية، ومرة أخرى في حوالي سن 5 عندما تظهر الأسنان الدائمة.
ويحدث صرير الأسنان بشكل رئيسي أثناء النوم، عادة ما يتخلص منها الأطفال، وقد تستمر حتى مرحلة البلوغ.
بعض الأفكار للمساعدة في التخلص منها:
اعملي شقوقاً في لسان اللهاية، فهذا يجعلها أقل فعالية فيفقد الأطفال الاهتمام بها.
اطلبي من طفلك المساعدة في وضع كل اللهايات الخاصة به في علبة صغيرة ، واتركيها طوال الليل، ثم اتركي بداخلها مكافأة خاصة للطفل الذي يتخلى عن اللهاية.
اجعلي طفلك يترك المصاصة في غرفة النوم كل صباح؛ حتى يقتصر استخدامها في وقت النوم أو وقت القيلولة فقط.
====================
معاملة عادلة وحب غير متساو.. متلازمة الطفل المفضل تكسر قلوب الأبناء
"أنت تحب أخي أكثر مني!" عبارة كهذه قد تهز مشاعر أي أب أو أُم، خاصة عندما تصدر عن طفل يشعر بأنه أقل أهمية. فرغم حرص معظم الآباء والأمهات على معاملة أبنائهم بعدل، واقتناعهم بأن مشاعر الحب موزعة بالتساوي بينهم، فإن الواقع قد يكشف عن فروقات عاطفية تحدث غالبًا دون قصد أو وعي.
ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "أبينيو" الألمانية لقياس الرأي، بمناسبة عيد الأم، أقر 18% من المشاركين بأن لديهم طفلًا مفضلًا. هذه النتيجة لا تُدهش سوزانه دول-هينتشكر، أستاذة علم النفس الإكلينيكي والعلاج النفسي في جامعة فرانكفورت للعلوم التطبيقية، إذ تقول إن الآباء يميلون، منذ اللحظات الأولى بعد ولادة الطفل، إلى البحث عن أوجه الشبه بينهم وبين المولود الجديد.
وتوضح أنه "نوع من الإسقاط النفسي، فعندما يرى الوالدان أنفسهما في طفلهما، فإن ذلك ينعكس على طريقة تعاملهما معه".
إن أوجه التشابه أو الاختلاف في الطباع، والاهتمامات، وحتى في الأدوار الأسرية، تلعب دورا كبيرا في تشكيل علاقة خاصة بين أحد الوالدين وأحد الأبناء. تقول فابين بيكر-شتول، مديرة المعهد الحكومي لتعليم الطفولة المبكرة والكفاءة الإعلامية في أمبرغ: "بعض الأطفال يتمتعون بطباع هادئة، بينما يكون الآخرون أكثر تطلبًا. كما أن هناك مراحل عمرية يصبح فيها من الصعب على الوالدين فهم سلوك الطفل أو التعامل معه".
وتضيف أنه في مثل هذه المراحل -كأن يرفض الطفل أداء واجباته المدرسية- قد يشعر الوالدان بالنفور من المساعدة، وهو أمر طبيعي. المهم هو أن يدرك الأهل أن مسؤولية بناء علاقة متوازنة تقع على عاتقهم وليس على الطفل.
وتؤكد: "يجب أن يشعر الطفل بأنه محبوب بلا شروط"، فالعلاقة الآمنة مع الوالدين تعزز الثقة بالنفس، وتمنع شعور الطفل بأنه أقل حبًّا من شقيقه في فترات يكون فيها الأخير محطا لاهتمام خاص بسبب ظروف معينة.
من جانبها، تشير دول-هينتشكر إلى أن "المعاملة غير المتساوية أمر لا مفر منه"، لأن لكل طفل احتياجات مختلفة. وتعطي مثالًا: "من غير المنطقي معاملة طفل يبلغ عامين كما لو كان عمره 4 سنوات"، لكنها تؤكد أن شرح أسباب هذا التفاوت للأطفال يُساعد على تقبله.
ومع ذلك، تحذر من أن التفاوت المؤقت لا يجب أن يتحول إلى تفضيل دائم، فالطفل الذي يلاحظ أن شقيقه يحظى دائمًا بالمزيد من الحنان والرعاية قد يتأذى نفسيا بشدة.
تحذر أنيا ليباخ-إنغيلهارت، أستاذة علم النفس النمائي والتربوي في جامعة "بي إف إتش" (PFH) الخاصة في غوتنغن، قائلة: "عندما يشعر الطفل بالإقصاء أو الإهمال بشكل دائم، فإن هذا يؤثر سلبًا على تقديره لذاته وصورته عن نفسه".
ولا يقتصر الضرر على الطفل المُهمش فقط، بل حتى الطفل المُفضل قد يتحمل أعباء غير متوقعة، وتوضح إنغيلهارت: "في كثير من الأحيان، يُكلف الطفل المُفضل بمسؤوليات إضافية تتعلق برعاية الوالدين".
أما عن الأسباب التي قد تجعل طفلا مفضلا، فتقول إن ترتيب الولادة يلعب دورًا في ذلك. "فغالبا ما يحظى الطفل البكر باهتمام خاص، كونه الأول، لكنه أيضا يُطالَب بمزيد من المسؤولية". كما أن الطفل الأصغر قد يحظى برعاية استثنائية، في حين يعاني أطفال الوسط من الإهمال النسبي.
ويبدو أن الجنس يلعب دورا أيضا، وفقا لتحليل شمولي نُشر عام 2024 من قِبل الجمعية الأميركية لعلم النفس، استنادا إلى بيانات من حوالي 20 ألف شخص. وخلص التحليل إلى أن الآباء قد يُظهرون ميلًا لتفضيل البنات، وكذلك الأطفال المتعاونين أو الذين يتسمون بالضمير الحي.
كم عناقا تحتاجه ابنتك المراهقة كل يوم؟ ولماذا؟
وتشير نتائج التحليل إلى أن الأطفال الذين يحصلون على معاملة تفضيلية يميلون إلى التمتع بصحة نفسية أفضل، ومعدلات أقل من السلوكيات المشكِلة، ونجاح دراسي أكبر، وتنظيم ذاتي أفضل، وعلاقات اجتماعية أكثر صحة. كما أن البيانات تدعم العكس تمامًا بالنسبة للأطفال الذين لم يحظوا بهذه المعاملة.
وكتب الباحثون: "المعاملة التفاضلية من قبل الوالدين لها آثار واضحة ومتميزة تتجاوز تأثيرات التربية العامة. وهذا يعني أن نتائجها -سلبية أو إيجابية- لا ترتبط بجودة الأبوة بقدر ما ترتبط بالاختلاف في أسلوب التعامل مع كل طفل على حدة".
وغالبًا لا يكون هذا التفضيل مقصودا. ومع ذلك، فإن الاعتراف بأن جودة العلاقة تختلف بين الأبناء لا يزال من المحرمات بالنسبة للعديد من الآباء، وبالتالي يتم إنكاره في الاستطلاعات العلنية، حسب ليباخ- إنغيلهارت.
لكنها توضح أن هناك دراسات عديدة تثبت أن التفضيل اللاواعي موجود فعليا، ويتجلى مثلا في منح طفل معين مزيدًا من الانتباه أو التساهل أو الثناء.
فماذا يفعل الأب أو الأم إذا لاحظ أنه أقرب عاطفيا إلى أحد أبنائه؟ إذا كان من السهل التحدث مع طفل معين، أو أنه أكثر حنانًا؟ تنصح ليباخ-إنغيلهارت بالبدء بـ"الصدق مع النفس والتأمل الذاتي".
وتقترح أن يسأل الوالدان أنفسهما: كيف أتحدث مع كل طفل؟ كم من الوقت أقضيه مع كل منهم؟ ما الذي يُزعجني أو يُقلقني أو يُخيب أملي فيهم؟ وما الذي أقدّره لديهم؟
ثم تأتي الخطوة التالية، وهي: لماذا أمنح طفلا معينًا اهتمامًا أو تساهلًا أكثر؟ هل يتكرر ذلك؟ وكيف أستطيع موازنة الأمور؟ كأن أوزع الوقت والاهتمام بشكل واعٍ، أو أن يتفاعل كل والد مع كل طفل على حدة من وقت لآخر.
وتقول إن "المعاملة العادلة لا تعني بالضرورة المعاملة المتساوية، بل أن تكون منصفة وتراعي اختلاف الاحتياجات".
ولا تقتصر آثار التفضيل على الطفل نفسه، بل تمتد إلى العلاقة بين الإخوة، فالغيرة والتنافس والشعور بالذنب قد تضر بشكل كبير بروابط الأخوّة. وقد يجد الأطفال أنفسهم في أدوار مفروضة عليهم دون اختيار.
وتختتم دول-هينتشكر بالقول: "بعض علاقات الإخوة تتضرر تماما بسبب هذا التفضيل، وربما تظل متوترة مدى الحياة".
ومع ذلك، تؤمن بيكر-شتول بإمكانية الشفاء العاطفي إذا أُتيح المجال لحوار صريح بين الأهل والأبناء، وإذا اعترف الوالدان بالألم الذي تسبب فيه التفضيل، خاصة لدى الطفل الذي عانى من التهميش.
وتضيف أن تحمّل المسؤولية عن العلاقة مع كل طفل، وطرح سؤال بسيط: "ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين هذه العلاقة؟"، يُعتبر خطوة مهمة لرؤية كل طفل وحده، واحترام مشاعره وأخذه على محمل الجد.
المصدر: الجزيرة + الألمانية