تُعد مشاعر اللوم الذاتي من الاستجابات الشائعة لدى من تعرضوا لأحداث مؤلمة، خصوصاً في الطفولة. وفي كثير من الحالات، يكون اللوم الذاتي بمثابة آلية بقاء، إذ يمنح الشخص شعورًا زائفًا بالسيطرة: "إذا كان الخطأ خطئي، فربما يمكنني إصلاحه أو منعه من الحدوث مجددًا." وعلى الرغم من أن هذا التفكير مؤلم، إلا أنه غالبًا ما يكون أسهل من مواجهة حقيقة أن الأذى جاء من شخص آخر اختار أن يؤذينا.
فعقل الطفل غير مؤهل بعد لفهم أن الخطأ ليس فيه، بل قد يظن أن "الشخص الذي أعتمد عليه يؤذيني، إذن لا بد أنني أنا السيء." هذه الطريقة في التفكير، رغم أنها تبدو مشوهة من منظور الكبار، إلا أنها طبيعية جدًا من حيث النمو العاطفي في الطفولة.
وكثيرًا ما يؤدي هذا النوع من التفكير إلى ترسيخ الشعور بالخزي والذنب في النفس، ويستمر هذا التأثير حتى سن الرشد، مسببًا شعورًا بعدم الاستحقاق والخلل الذاتي والخوف من الرفض أو عدم القبول، بحسب موقع سيكولوجي توداي.
- 1. القلق مما يعتقده الآخرون
من أكثر أنماط اللوم الذاتي شيوعًا لدى الناجين هو الانشغال المستمر برأي الآخرين. يتولد لدى البعض خوف دائم من أن يتم الحكم عليهم أو رفضهم.
وغالبًا ما يكون هذا ناتجًا عن التجارب المبكرة التي كان فيها البقاء مرتبطًا بالتنبه الدائم لمزاج المحيطين وآرائهم. ومع مرور الوقت، يصبح رأي الآخرين أكثر أهمية من نظرة الشخص لنفسه، حتى في الأمور التي تخص هويته وقيمته الذاتية.
٢. الخوف من طلب المساعدة
اللجوء إلى الآخرين يصبح مع الوقت مرادفًا للخزي أو الضعف، إذ يقنع اللوم الذاتي الشخص بأنه لا يستحق الدعم، أو أن طلب المساعدة أمر معيب.
وهذا ما يؤدي إلى تجنب طلب الدعم حتى في الأوقات التي يكون فيها بأمسّ الحاجة إليه، ما يفاقم الشعور بالوحدة والانفصال.
٣. التقليل من أهمية التجارب المؤلمة
غالبًا ما يقلل الشخص من وقع ما مرّ به، ويقول لنفسه عبارات مثل "لم يكن الأمر بذلك السوء" أو "غيري مرّ بما هو أسوأ."
هذا السلوك الدفاعي هو آلية لتجنّب مواجهة الألم الحقيقي، لكنه في الواقع يعمّق من حالة الإنكار ويحول دون الشفاء.
٤. الاعتذار المفرط
كثير من الناجين يعتذرون باستمرار حتى عندما لا يكون هناك ما يستدعي الاعتذار.
وينبع ذلك من شعور داخلي عميق بالذنب، وكأنهم عبء دائم على الآخرين أو أنهم دومًا في موقع الخطأ. وقد يؤدي هذا السلوك إلى فقدان الثقة بالنفس وبالعلاقات.
- 5. الكمالية والضغط لتكون مثاليًا
الكمالية هي محاولة للسيطرة على البيئة من خلال السعي إلى "الكمال"، في اعتقاد أن هذا قد يحمي من الأذى أو اللوم مستقبلاً. يسعى البعض إلى أن يكونوا بلا خطأ، كأنهم يسددون "ديناً داخليًا" تجاه ماضيهم أو تجاه من تسببوا في أذيتهم.
هذا النمط قد يقودهم إلى تحمّل علاقات سامة، أو الإفراط في تقديم التنازلات، أو الشعور الدائم بأنهم بحاجة إلى كسب الحب والاحترام بدلًا من الشعور بأنهم يستحقونه بطبيعتهم.
اللوم الذاتي لا يغادر بسهولة
في مرحلة البلوغ، يبقى اللوم الذاتي والشعور بالخزي معنا، حتى إن لم نعبّر عنه بالكلمات. يتسلل إلى الطريقة التي نعامل بها أنفسنا والطريقة التي نسمح للآخرين بمعاملتنا بها.
ويمكن أن يظهر فجأة في مواقف خارجة عن سيطرتنا، مثل الإحساس بالذنب لعدم القدرة على حماية أحد، أو المسؤولية المبالغ فيها تجاه مشاعر الآخرين.
فالفهم العميق لهذه الأنماط هو الخطوة الأولى نحو التحرر منها، والسماح لأنفسنا بالتعاطف، لا بالمحاسبة.